فصل: ومن باب من أعتق عبدًا وله مال:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: معالم السنن



.ومن باب في بيع المدبر:

قال أبو داود: حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا هشيم عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء وإسماعيل بن أبي خالد عن سلمة بن كُهيل عن عطاء عن جابر بن عبد الله «أن رجلًا أعتق غلامًا له عن دُبُر منه لم يكن له غيره فأمره النبي صلى الله عليه وسلم فبيع بسبعمائة أو تسعمائة».
قال الشيخ: قد اختلف مذاهب الناس في بيع المدبر واختلف أقاويلهم في تأويل هذا الحديث، فأجاز الشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه بيع المدبر على الأحوال كلها، وروي ذلك عن مجاهد وطاوس.
وكان الحسن يرى بيعه إذا احتاج صاحبه إليه، وكان مالك يجيز بيع الورثة إذا كان على الميت دين يحيط برقبته ولا يكون للميت مال غيره.
وكان الليث بن سعد يكره بيع المدبر ويجيز بيعه إذا أعتقه الذي ابتاعه. وكان ابن سيرين يقول لا يباع إلاّ من نفسه.
ومنع من بيع المدبر سعيد بن المسيب والشعبي والنخعي والزهري وهو قول أبي حنيفة وأصحابه، وإليه ذهب سفيان والأوزاعي.
وتأول بعض أهل العلم الحديث في بيع المدبر على التدبير المعلق، قال وهو أن يقول لمملوكه إن مت من مرضي هذا فأنت حر، قال وإذا كان كذلك جاز بيعه، قال وأما إذا قال أنت حر بموتي أو بعد موتي فقد صار المملوك مدبرًا على الإطلاق ولا يجوز بيعه.
قلت: ليس في الحديث بيان ما ذكره من تعليق التدبير، وإنما جاء الحديث ببيع المدبر. واسم التدبير إذا أطلق كان على هذا المعنى لا على غيره.
وقد باعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان ظاهره جواز بيع المدبر؛ والمدبر هو من أعتق عن دبر.
ولم يختلفوا في أن عتق المدبر من الثلث فكان سبيله سبيل الوصايا وللموصي أن يعود فيما أوصى به وإن كان سبيله سبيل العتق بالصفة فهو أولى بالجواز ما لم يوجد الصفة المعلق بها العتق والله أعلم.

.ومن باب فيمن أعتق عبيدًا له لم يبلغوا الثلث:

قال أبو داود: حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد عن أيوب، عَن أبي قلابة، عَن أبي المهلب عن عمران بن حصين «أن رجلًا أعتق ستة أعبد عند موته لم يكن له مال غيرهم فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال له قولًا شديدًا ثم دعاهم فجزأهم ثلاثة أجزاء فأقرع بينهم فأعتق اثنين وأَرَقَّ أربعة».
قال الشيخ: في هذا بيان أن حكم عتق البتات في المرض الذي يموت به المعتق حكم الوصايا وإن ذلك من ثلث ماله.
وفيه إثبات القرعة في تمييز العتق الشائع في الأعيان وجمعه في بعض دون بعض.
وقوله: «فجزأهم ثلاثة أجزاء» يريد أنه جزأهم على عبرة القيم دون عدد الرؤوس إلاّ أن القيم قد تساوت فيهم فخرج عدد الرؤوس على مساواة القيم وعبيد أهل الحجاز إنما هم الزنوج والحبش والقيم قد تتساوى فيها غالبًا أو تتقارب.
وتفريق العتق في أجزاء العبيد يؤدي إلى الضرر في الملاك والمماليك معًا وجمع العتق يرفع الضرر وينفي سوء المشاركة. وأما الاستسعاء فقد ذكرنا فيما تقدم أن الحديث فيه غير صحيح فجمع الحرية به متعذر غير متيسر.
وقد اعترض على هذا قوم فقالوا في هذا ظلم للعبيد لأن السيد إنما قصد إيقاع العتق عليهم جميعًا، فلما منع حق الورثة من استغراقهم وجب أن يقع الجائز منه شائعًا فيهم لينال كل واحد منهم حصته منه كما لو وهبهم ولا مال له غيرهم وكما لو كان أوصى بهم فإن الهبة والوصية قد تصح في الجزء في كل واحد منهم.
قلت: هذا قياس ترده السنة، وإذا قال صاحب الشريعة قولًا وحكم بحكم لم يجز الاعتراض عليه برأي ولا مقابلة بأصل آخر ويجب تقريره على حاله واتخاذه أصلًا في بابه. والوصايا والهبات مخالفة للعتق لأن الورثة لا يتضررون بوقوع الهبة والوصية شائعين في العبد ويتضررون بوقوع العتق شائعًا، وأمر العتق مبني على التغليب والتكميل إذا وجد إليه السبيل وحكم الدين قد منع من إكمال في جماعتهم فأكمل لمن خرجت له القرعة منهم.
قال الشافعي وهذا الحديث أصل في جواز الوصية في المرض بالثلث للأجانب لأن عتقه إياهم في معنى الوصية لهم وهم أجانب، قال وكانت العرب لا تستعبد من بينها وبينه نسب تريد بهذا أن الوصية للأقربين منسوخة بآية الميراث.
وقد اختلف العلماء في هذه المسألة فقال بظاهر الحديث مالك والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه، وقد روى ذلك عن عمر بن عبد العزيز.
وقال أبو حنيفة وأصحابه يعتق من كل واحد منهم الثلث ويستسعى في ثلثيه للورثة ويتق، ويروى ذلك عن الشعبي والنخعي، وعلى هذا القياس إذا اعتق في المرض الذي مات فيه عبدًا لم يكن له مال غيره فإنه يعتق منه الثلث ويكون ثلثاه رقيقا للورثة في قول مالك والشافعي، وعند أبي حنيفة وأصحابه يعتق ثلثه ويستسعى في ثلثيه للورثة ويعتق.
وتأول بعضهم الحديث على أنه إنما أراد بالتجزئة إفراز حصة الورثة من حصة العبيد دون تجزئة الأعيان وهذا تأويل فاسد.
وقد أخبر عمران بن حصين في هذا الحديث أنه أعتق اثنين منهم وأرق أربعة فصرح بوقوع القسمة في الأعيان دون الأجزاء ولو أراد الأجزاء لقال فأعتق الثلث وأرق الثلثين وما أشبه ذلك من الكلام والله أعلم.
وفي قوله: «فأعتق اثنين» بيان صحة وقوع العتق لهما والرق لمن عداهما.
وفي قول من يرى استسعاء كل واحد منهما في ثلثي قيمته ترك للأمرين معًا لأنه لا يعتق أحدًا منهم ولا يرقّه وفي ذلك مخالفة للحديث على وجهه، وقد جاء بيان ما قلناه صريحًا من رواية الحسن عن عمران بن حصين.
حدثناه إبراهيم بن فراس حدثنا أحمد بن علي بن سهل حدثنا عبد الأعلى بن حماد النرسي حدثنا حماد بن سلمة عن عطاء الخراساني عن سعيد بن المسيب، وأيوب عن محمد بن سيرين عن عمران بن حصين وقتادة وحميد وسماك بن حرب عن الحسن عن عمران بن حصين «أن رجلًا أعتق ستة مملوكين له عند موته وليس له مال غيرهم فأقرع رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم فأعتق اثنين ورد أربعة في الرق».
قوله: «ورد أربعة في الرق» يبطل كل تأويل يتأول بخلاف ظاهر الحديث.
قال ابن فراس قوله عن سعيد بن المسيب هو مرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم وحديث أيوب عن ابن سيرين غريب والمشهور عن الحسن.

.ومن باب من أعتق عبدًا وله مال:

قال أبو داود: حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب أخبرني ابن لهيعة والليث بن سعد عن عبيد الله بن أبي جعفر عن بكير بن الأشجع عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أعتق عبدًا وله مال فمال العبد له إلاّ أن يشترط السيد».
قال الشيخ: الأصل أن مال العبد لسيده كما أن رقبته له وإنما أضيف إليه المال مجازًا على معنى أنه يتولى حفظه ويتصرف فيه بإذن سيده كما قيل غنم الراعي وصبيان المعلم، والعبد لا يملك في قول أكثر العلماء، وقد قال مالك إذا ملكه سيده ملك.
وحكي ذلك أيضًا عن الحسن البصري ولا أعلم خلافًا في أنه لا يرث، وإذا كان أصح وجوه الملك وأقواها الميراث وهو لا يملكه بلا خلاف فما عداه أولى بذلك.
وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من باع عبدًا وله مال فمال للبائع إلاّ أن يشترط المبتاع» فجعل المال مردودًا على البائع إلاّ أن يبتاعه المشتري كما يبتاع رقبته فيكون عبدًا ومالًا معلومًا بثمن معلوم، وإذا كان كذلك وجب أن يكون ما قاله في مال العبد المعتق متأولًا على وجه الندب والاستحباب لأن يسمح به للعبد إذ كان العتق منه إنعامًا عليه ومعروفًا اصطنعه إليه فندب إلى مسامحته فيما في يده من المال ليكون إتمامًا للصنيعة وربًا للنعمة التي أسداها إليه، وقد جرى من عادة السادة أن يحسنوا إلى مماليكهم إذا أرادوا إعتاقهم وأن يرضخوا لهم فكان أقرب ذلك أن يتجافى له عما في يده والله أعلم.
وحكى حمدان بن سهل عن إبراهيم النخعي أنه كان يرى المال للعبد إذا أعتقه السيد، وإليه كان يذهب حمدان قولًا بظاهر الحديث.

.ومن باب عتق ولد الزنا:

قال أبو داود: حدثنا إبراهيم بن موسى أنبأنا جرير عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه، عَن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ولد الزنا شر الثلاثة».
قال الشيخ: اختلف الناس في تأويل هذا الكلام فذهب بعضهم إلى أن ذلك إنما جاء في رجل بعينه كان موسومًا بالشر، وقال بعضهم إنما صار ولد الزنا شرًا من والديه لأن الحد قد يقام عليهما فيكون العقوبة تمحيصًا لهما؛ وهذا في علم الله لا يدري ما يصنع به وما يفعل في ذنوبه.
وأنبأنا أبو هاشم حدثنا الدبري عن عبد الرزاق عن ابن جريج عن عبد الكريم قال: «كان أبو ولد الزنا يكثر أن يمر بالنبي صلى الله عليه وسلم فيقولون هو رجل سوء يا رسول الله فيقول صلى الله عليه وسلم: هو شر الثلاثة، يَعني الأب فحول الناس الولد شر الثلاثة، وكان ابن عمر رضي الله عنه إذا قيل ولد الزنا شر الثلاثة قال بل هو خير الثلاث».
قلت: هذا الذي تأوله عبد الكريم أمر مظنون لا يدرى صحته والذي جاء في الحديث الذي رواه أبو هريرة إنما هو ولد الزنا شر الثلاثة فهو على ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد قال بعض أهل العلم أنه شر الثلاثة أصلًا وعنصرًا ونسبًا ومولودًا وذلك لأنه خلق من ماء الزاني والزانية وهو ماء خبيث.
وقد روي في بعض الحديث العرق دساس فلا يؤمن أن يؤثر ذلك الخبث فيه ويدب في عروقه فيحمله على الشر ويدعوه إلى الخبث، وقد قال سبحانه في قصة مريم: {ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيًا} [مريم: 28] فقضوا بفساد الأصل على فساد الفرع.
وقد روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه في قوله تعالى: {ذرأنا لجهنم كثيرًا من الجن والإنس} [الأعراف: 179] أنه قال ولد الزنا مما ذرئ لجهنم.
وعن سعيد بن جبير أنه قال ولد الزنا ذرئ لجهنم.
وكان مالك لا يجيز شهادة ولد الزنا على الزنا خاصة دون غيره من الشهادات للتهمة.
وروى بعض من احتج له في ذلك عن عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه أنه قال ودت الزانية أن النساء كلهن زنين.
وحكى ابن المنذر، عَن أبي حنيفة رصي الله عنه في كتاب الاختلاف أن من ابتاع غلامًا فوجده ابن زنا كان له أن يرده بالعيب.
فأما قول ابن عمر أنه خير الثلاثة فإنما وجهه أنه لا إثم له في الذنب الذي باشره والده فهو خير منهما لبراءته من ذنبهما والله أعلم.

.ومن باب في ثواب العتق:

قال أبو داود: حدثنا عيسى بن محمد الرملي حدثنا ضمرة عن ابن أبي عبلة عن العَريف بن الديلمي عن واثلة بن الأسقع قال: «أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في صاحب لنا أوجب، يَعني النار بالقتل، فقال أعتقوا عنه يعتق الله بكل عضو منه عضوًا من النار».
قال الشيخ: كان بعض أهل العلم يستحب أن لا يكون العبد المعتق خصيًا لئلا يكون ناقص العضو ليكون معتقه قد نال الموعود في عتق أعضائه كلها من النار بإعتاقه إياه من الرق في الدنيا.

.كتاب الوصايا:

.ومن باب ما يؤمر به من الوصية:

قال أبو داود: حدثنا مسدد حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله حدثني نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلاّ ووصيته مكتوبة عنده».
قال الشيخ: قوله: «ما حق امرئ مسلم» معناه ما حقه من جهة الحزم والاحتياط إلاّ أن تكون وصيته مكتوبة عنده إذا كان له شيء يريد أن يوصي فيه فإنه لا يدري متى توافيه منيته فتحول بينه وبين ما يريد من ذلك.
وفيه دليل على أن الوصية غير واجبة وهو قول عامة الفقهاء، وقد ذهب بعض التابعين إلى إيجابها وهو قول داود.
وفيه أن الوصية إنما تستحب لمن له مال يريد أن يوصي فيه دون من ليس له فضل مال، وهذا في الوصية التي هو متبرع بها من نحو صدقة وبر وصلة دون الديون والمظالم التي يلزمه الخروج عنها، فإن من عليه دينًا أو قبله تبعة لأحد من الناس فالواجب عليه أن يوصي فيه وأن يتقدم إلى أوليائه فيه، لأن أداء الأمانة فرض واجب عليه.
قال أبو داود: حدثنا مسدد ومحمد بن العلاء قالا: حَدَّثنا أبو معاوية عن الأعمش، عَن أبي وائل عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها، قالت: «ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم دينارًا ولا درهمًا ولا بعيرًا ولا شاة ولا أوصى بشيء».
قال الشيخ: قولها: «ولا أوصى بشيء» تريد وصية المال خاصة لأن الإنسان إنما يوصي في مال سبيله أن يكون موروثا وهو صلى الله عليه وسلم لم يترك شيئًا يورث فيوصي فيه، وقد أوصى بأمور منها ما روي أنه كان عامة وصيته عند الموت الصلاة وما ملكت أيمانكم.
وقال ابن عباس رضي الله عنه «أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته أخرجوا اليهود عن جزيرة العرب وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم».

.ومن باب ما يجوز للموصي في ماله:

قال أبو داود: حدثنا عثمان بن أبي شيبة وابن أبي خلف قالا: حَدَّثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عامر بن سعد عن أبيه قال: «مرض سعد مرضًا أشفى منه، قال ابن أبي خلف بمكة فعاده رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن لي مالًا كثيرًا وليس يرثني إلاّ ابنة لي أفأتصدق بالثلثين، قال لا، قال فبالشطر قال لا، قال فبالثلث، قال الثلث والثلث كثير إنك إن تترك ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس وإنك لن تنفق نفقة إلاّ أجرت فيها حتى اللقمة ترفعها إلي في امرأتك، قلت يا رسول الله أتخلّف عن هجرتي قال إن تُخلَّف بعدي فتعمل عملًا تريد به وجه الله تبارك وتعالى لا تزداد به إلاّ رفعة ودرجة ولعلك أن تخلف حتى ينتفع بك أقوام ويُضر بك آخرون، ثم قال اللهم امض لأصحابي هجرتهم ولا تردهم على أعقابهم، لكن البائس سعد بن خولة يرثي له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن مات بمكة».
قال الشيخ: قوله: «وليس يرثني إلاّ ابنة لي» يريد أنه ليس يرثني ذو سهم إلاّ ابنة دون من يرثه بالتعصيب لأن سعدًا رجل من قريش من زهرة وفى عصبته كثرة.
وفي ذلك دليل على أن لمن مات وقد خلف من الورثة من يستوعب جميع ماله أن يوصي بالثلث منه.
وقد زعم بعض أهل العلم أن الثلث إنما هو لمن ليس له وارث يستوفي تركته.
وفي قوله: «الثلث كثير» دليل على أنه لا يجوز مجاوزته ولا أن يوصي بأكثر من الثلث سواء كان له ورثة أو لم يكن.
وقد زعم قوم أنه إذا لم يكن له ورثة وضع جميع ماله حيث شاء، وإليه ذهب إسحاق بن راهويه، وروي ذلك عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه.
وقد اختلف أهل العلم في جواز الوصية بالثلث فذهب بعضهم إلى أن قوله: «والثلث كثير» منعًا من الوصية به وأن الواجب أن يقصر عنه وأن لا يبلغ بوصيته تمام الثلث.
وروي عن ابن عباس أنه قال الثلث جنف والربع جنف.
وعن الحسن البصري أنه قال يوصي بالثلث أو الخمس أو الربع.
وقال إسحاق بن راهويه السنة في الربع لما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «والثلث كثير» إلاّ أن يكون رجلًا يعرف في ماله شبهات فعليه استغراق الثلث.
وقال الشافعي إذا ترك ورثته أغنياء لم يكره له أن يستوعب الثلث فإذا لم يدعهم أغنياء اخترت له أن لا يستوعبه.
وقوله: «عالة يتكففون الناس» يريد فقراء يسألون الصدقة، يقال رجل عائل أي فقير وقوم عالة والفعل منه عال يعيل إذا افتقر.
ومعنى «يتكففون» يسألون الصدقة بأكفهم.
وقوله: «أتخلف عن هجرتي» معناه خوف الموت بمكة وهي دار تركوها لله عز وجل وهاجروا إلى المدينة فلم يحبوا أن تكون مناياهم فيها.